الطغراء - تركيا - القرن 13 هـ
|
Arabic T-Shirts Shop
مصحف شريف – القرن 12 هـ
|
الخط هو فن
الكتابة الجميلة التي تزين النص وتضيف إليه قيمة تأويلية مميزة. ولقد كان
للقرآن الكريم دور أساسي، بل وكل الفضل، في تطور الكتابة العربية، ومن تم
فن الخط العربي. كما أن كتابة القرآن بهذا الخط أدت إلى إعلاء شأن هذا
الأخير وإجلاله.
الهندسة المعمارية وفن الخط
مدرسة العطارين - فاس المغرب |
سرعان ما انتشر
وتطور استعمال الخط العربي في العالم العربي والإسلامي ليشمل بذلك الدواوين
والمعمار والخزف، وأخذ بذلك أهمية متزايدة وصلت إلى درجة الرقي إلى جانب
فن الزخرفة ، حتى أصبح استعمال كلاهما شائعا سواء في الكتب أوفي البنايات،
حيث التناغم الموسيقي والهندسي لهذين الفنين يثير كل الإعجاب، فصارا رمزا
للحضارة العربية والإسلامية.
قبة مسجد السليمية بمدينة أدرنة - تركيا القرن 10 هـ
|
الإسلام والفن
رسم لحسن موسى
|
لوحة لعبد الغني العاني
|
إن النظرية التي
تقول أن تطور فن الخط العربي والزخرفة راجع إلى كون الإسلام يحرم تجسيد
وتصوير الخالق أو المخلوق، هي نظرية قابلة للنقاش... فالتحريم لم يستطع قط
على مدى التاريخ أن يمنع الإنسان من التعبير، وكذلك إن هذا الفن – أي الخط –
استمد عظمته عند شعب يمجد الكلمة، وبالتالي يمكننا تفسير هذا التطور
تاريخيا وبيئيا، لأن العرب شعب ذو ثقافة شفوية، وهو أيضا شعب عاش مع الشعر،
الفن المفضل لديه، حيث كانت الكلمة تجسم وتمثل الصورة على شكل تناغم
موسيقي مرتبط بالمعاني، وفيما بعد، عندما أخذت الكتابة مكانتها في هذه
الحضارة، كانت الكلمة المرسومة والمخطوطة هي الامتداد الطبيعي لتثبيت هذا
الفن لدى هذه الحضارة.
مدرسة بغداد
آيات قرآنية بخط المحقق والثلث
|
تأسست عدة مدارس
لفن الخط، كل واحدة منها تميزت بأسلوبها الخاص، مستمدة غناها من الفنون
المحلية، وبالتالي ظهرت المدرسة الفارسية والتركية والأندلسية
المغربية...إلخ، الشيء الذي لم يمنع أيضا البعض منها بأن يتأثر بالأساليب
التي ظهرت خلال العصر الذهبي الذي عرفته الحضارة الإسلامية بين القرنين
الثاني والسابع الهجري، حيث نبوغ إحدى أكبر المدارس في هذا المجال، وهي
مدرسة بغداد. هذه المدرسة تميزت عن سواها بفضل ثلاثة أساتذة عظام أئمة في
الخط، اشتغل كل واحد منهم على الحرف كمادة أولية، تاركا فيما بعد بصمته
الخالدة سواء في المجال الفني أوالهندسي أو الفلسفي.
الخط العربي، مقاييس وأبعاد
|
أول هؤلاء
الأساتذة هو ابن مقلة (272 – 328 هـ )، مهندس الخط العربي، الذي جعل من هذا
الفن علما مضبوطا، حيث وضع القواعد الأساسية له، وقاس أبعاده، وأوضاعه.
وقد تم تطبيق هذا المبدأ، الذي يعتمد على الجمع بين ما هو جميل ونافع، في
جميع الفنون الأخرى. ولقد استفاد ابن مقلة من منصبه كوزير، لإدخال فن الخط
على شكل كتابة وزارية في دواوين الدولة. بعد حوالي قرن من الزمن، أعطي بعد
جديد للحرف من طرف خطاط كبير آخر من مدرسة بغداد، وهو علي بن هلال البغدادي
المعروف ب ابن البواب (ق. 5 هـ)، حيث كان يرى الحرف على هيئة إنسان برأس
وجسد و أعضاء. ثم تبعهما فيما بعد أستاذ كبير ثالث، من نفس المدرسة، وهو
ياقوت المستعصمي (ق. 7 هـ) الذي أعطى للحرف بعدا روحيا، حتى صار هذا الأخير
عبارة عن شكل هندسي حي.
الخطوط العربية
آيات قرآنية بخط كوفي قرمطي – إيران
القرن 5 هـ |
هناك أنواع كثيرة و
مختلفة من الخطوط أوالأقلام العربية، تنوعت بتنوع المناطق والحقب
والخطاطين، وأيضا بتنوع الوثائق وحسب الحاجات والمطالب: فهذا الخط لكتابة
القرآن الكريم، أو تفسيره، وهذا للشعر، والآخر للدواوين...إلخ.
كل هذه الخطوط
تعود جميعها إلى رافدين اثنين، يتصف أحدهما بالجفاف لكونه مبسوطا أو مربعا
أو مزوى ، وهو الذي أطلق عليه ' الخط الكوفي '. ويتصف الثاني ـ من ناحية
أخرى ـ باللين حيث جاء مقورا أو مدورا أو مقوسا، وهو الذي عرف باسم ' الخط
اللين أو النسخ'.
ظهر الأول مع ظهور
الإسلام، إلا أن شكله كان غير منتظم، وبفضل إبداع الخطاطين تطور وتحسن حتى
أصبح خطا منسجما وجميلا. وقد تفرع من هذا الخط أنواع عديدة من الخطوط جمعت
جميعها بين الجفاف والليونة، كالكوفي المورق، والمزهر والمضفر والقرمطي.
خط النستعليق
القرن 10 هـ |
إلى جانب الخط
الكوفي، تميز الخط اللين - كما يشير إليه اسمه - بليونة خطوطه، فكانت
الحركة والدينامكية من العوامل الأساسية التي أدت إلى ظهور أنواع جديدة من
الخطوط، كالنسخ والثلث والديواني والفارسي .
طغراء للسلطان العثماني سليم الثالث بالخط الديواني
القرن 10 هـ |
أما في
أقصى البلاد الإسلامية، فقد استوحى الأندلسيون والمغاربة من الخط الكوفي
القديم خطوطا ذات مرونة عالية وغير مقيدة بقواعد صارمة، يمكن تأملها اليوم
في عديد من المخطوطات والكتب وكذلك في العمران، وقد عرف هذا الإبداع بالخط
الأندلسي المغربي.
وهناك خط شبيه
بهذا الأخير يختلف عنه بعض الشيء في كثافة حروفه وتراكمها، ويعرف بالخط
السوداني، وقد شاع استخدامه في الحزام الإسلامي الممتد من موريتانيا حتى
السودان وكذلك في البلاد التي تمتد حتى جنوب نيجيريا.
من جانبها تميزت
المدرسة الفارسية بظهور ثلاثة أشكال رئيسية: التعليق، النستعليق والشيكستي.
وكان للتركية أنواع عديدة، من بينها: الديواني والرقعة. أما في الهند فقد
ظهر خط نسخ ثانوي عرف باسم'بهاري ' .
ومع أن مسلمي الصين قد تبنوا الخطوط التي كانت شائعة في أفغانستان إلا أنهم قد أوجدوا مع ذلك لأنفسهم صورة خاصة من الخط العربي عرفت بالخط الصيني.
ومع أن مسلمي الصين قد تبنوا الخطوط التي كانت شائعة في أفغانستان إلا أنهم قد أوجدوا مع ذلك لأنفسهم صورة خاصة من الخط العربي عرفت بالخط الصيني.
جدير بالذكر أن
نلاحظ أنه في هذا المجال، وخلافا للغربيين، لم يحصر الشرقيون علومهم داخل
خانات ضيقة، فلم يعطوا لهذا الفن نعتا أو وصفا، كمثلا الفن الكلاسيكي، الفن
المعاصر، الفن المستقبلي...إلخ، فالزمن لم يؤخذ قط بعين الاعتبار لنعت هذا
الفن أو ذاك بنعت معين، وفي هذا السياق، فالخط الكوفي البسيط المبكر مثلا ،
وهو أقدم الخطوط العربية، كان الأكثر تأقلما مع التكنولوجيا الحديثة، وقد
اعتبره البعض عند اكتشافهم له فنا رائدا.
آيات قرآنية بخط "كوفي مصاحف" على جلد مصبوغ بالأزرق
القرن 3 هـ |
الخط المغربي من كتاب الذخيرة المغرب
|
تأثير هذا الفن على الغرب
يعترف
الغرب اليوم بالتأثير الذي مارسته عليه الحضارة الإسلامية ، بما في ذلك
الفنون. في هذا السياق، يقول رئيس ومدير متحف اللوفر "هنري لويرت" :" إن
تأثير الفنون الإسلامية على ثقافتنا عميق ومستمر". وقد تأثر بالفن الإسلامي
كثير من رواد الحركة الفنية المعاصرة مثل "ماتيس" و"بول كيلي" اللذان عاشا
فترة طويلة في البلدان العربية يدرسان تراثها الفني، كما زار شمال إفريقيا
كل من "مونيه" و"ديلاكروا" و"كاندنسكي" وغيرهم.. وقد انبهروا بالفن
الإسلامي وتأثروا به. وقد ألهم فن الخط العربي وهو جزء لا يتجزأ من الفنون
الإسلامية، الكثير من الفنانين الغربيين خصوصا خلال القرن العشرين الميلادي
كآلشينسكي، و"دوترمونت" و"ميشو" على سبيل المثال، حيث شكل هذا الفن
بالنسبة لهم مدخلا جديدا لخلق أشكال جديدة من الفنون. فكاندينسكي في بحوثه،
يظهر أنه يجسد استمرارية فكر كبار الخطاطين الشرقيين الذين سبقوه من قبل.
كما يعترف "ماتيس" بالتأثير الذي مارسه الفن العربي على خطوطه وألوانه.
يقول في هذا الإطار:" إن الوحي أتاني من الشرق وبالتحديد من الإسلام. هذا
الفن أثر في كثيرا، خصوصا أثناء معرض ميونيخ الرائع...لأن هذا الفن يمنح
فضاءا أوسعا، فضاءا تشكيليا بكل معنى الكلمة".
(الصورة في الأعلى: خط لاتيني "معرب" لجوليان بروتون.)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق