كانت باريس في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين العاصمة
الثقافية للعالم الغربيّ. وبالإضافة إلى جمال طبيعتها وعظمة تاريخها،
اشتهرت بأنها مدينة الفنّ بسبب احتضانها بعضا من أفضل وأشهر المتاحف
والغاليريهات في العالم. ولهذا السبب اجتذبت باريس أجيالا من المثقّفين
والأدباء والفنّانين من جميع أنحاء العالم. ومن أشهر هؤلاء كلّ من إرنست
همنغواي وبابلو بيكاسو وفان غوخ وغيرهم ممّن قصدوا باريس ليزدهروا في أجواء
الإبداع فيها ويتلقّوا منها الإلهام.
الرسّام الهولندي ايزاك إزرييلز كان، هو أيضا، احد الأشخاص الذين جاءوا إلى باريس وأقاموا فيها وعشقوا مطاعمها ومقاهيها وزحامها وصخبها. كان إزرييلز يشعر في باريس انه في بلده، لدرجة انه مكث فيها عشر سنوات كاملة وكان له محترفه الذي أقامه بالقرب من ضاحية مونمارتر المشهورة بحياة الليل وكثرة المطاعم والملاهي فيها.
كان إزرييلز يواظب على زيارة تلك الأماكن للتسلية أو الرسم. وكانت له عينان حسّاستان ترصدان التفاعل بين الأشخاص الذين كان يرسمهم بضربات فرشاته العريضة مضفيا عليهم أجواء من السعادة. ولأن المقاهي تقع في قلب الحياة الاجتماعية والثقافية لباريس، فقد كرّس الرسّام عددا من لوحاته لتصوير الناس الذين يؤمّونها والتفاعل في ما بينهم. وهذه اللوحة هي واحدة من سلسلة من اللوحات التي كُلّف الفنّان برسمها من قبل إحدى دور الموضة المشهورة آنذاك.
وفي اللوحة يظهر رجل وامرأة يجلسان قبالة بعضهما على طاولة في مقهى مشهور في المولان دو غاليت. إزرييلز يترك للناظر أن يخمّن فيم يتحدّث هذان الشخصان أو يفكّران. وفي الخلفية يظهر أشخاص يجلسون إلى طاولات أو يرقصون. لاحظ أن الفنّان استخدم اللون الأسود مخالفا الانطباعيين الفرنسيين الذي كانوا يتجنّبون استخدامه حتى في رسم الظلال.
كانت المقاهي توفّر وسطا مناسبا لاجتماع الفنّانين والأدباء. والكثيرون منهم استلهموا أفكارا ومواضيع لأعمالهم من بيئة وأجواء المقاهي. ومن أشهر من رسموها كلّ من إدغار ديغا وإدوار مانيه وفيليكس فالوتون وفان غوخ وجان بيرو وسواهم. وعندما تنظر إلى هذه اللوحات ستشعر بأجواء المقاهي وتخمّن نوعية الأحاديث والهمسات بين الأشخاص وتكاد تسمع أصوات الكؤوس والأواني على الموائد وحركات وإيماءات الناس الذين يجلسون ويتحرّكون في مختلف الاتجاهات رغم أنهم يبدون أحيانا بلا وجوه.
المعروف أن هذا المقهى بالذات، أي المولان دو غاليت، كان مكانا مفضّلا لكبار الرسّامين آنذاك مثل هنري تولوز لوتريك ورينوار وبيكاسو الذين كانوا يتردّدون عليه بانتظام.
كان إزرييلز في ذلك الوقت يحاكي زملاءه من الرسّامين في لندن وباريس الذين كانوا يتردّدون على صالات الرقص والمقاهي والمسارح ويجدون في مظاهر الحياة الحضرية المختلفة مواضيع تثير اهتمامهم وتحرّضهم على رسمها.
وأثناء إقامته في باريس، تعرّف الرسّام على إميل زولا ومالارميه وعلى الرسّامة بيرتا موريسو والرسّام اوديلون ريدون. ورغم انه بات مألوفا وصف أسلوبه بالانطباعي، إلا أن عمله كان شبيها بعمل سيزان من حيث تركيزه على بقع الألوان السميكة واستخدام الفراغات.
ولد ايزاك إزرييلز في لاهاي بهولندي في فبراير من عام 1865. وتعلّم الرسم على يد والده جوزيف إزرييلز الذي كان رسّاما مشهورا في زمانه. وكان الأب معروفا بأسلوبه الانطباعي. كما كان بيتهم مزارا للكتّاب والفنّانين والموسيقيين وجامعي الفنّ في لاهاي. وكان من بين ضيوفهم كلّ من ادوار مانيه وماكس ليبرمان وغيرهما.
وقد بدأ ايزاك تعليمه في الخارج عام 1878 بزيارة عائلية إلى باريس ستصبح في ما بعد حدثا سنويا. ثم انتظم في أكاديمية لاهاي للفنون، حيث عمّق مهاراته وقابل جورج برتينر الذي أصبح صديق عمره وزميله.
وقد اتبع الرسّام نموذج فان غوخ وسافر إلى بلجيكا وتجوّل في المناجم ودرس حياة العمّال فيها. ثم اظهر التزاما بتصوير مظاهر الحياة الحديثة. ولم يلبث أن تحوّل إلى شوارع امستردام ومقاهيها ونوادي الليل فيها مستلهما من أجوائها مواضيع للوحاته.
زار ايزاك إزرييلز برفقة والده كلا من اسبانيا وشمال أفريقيا عام 1893. وقد وفّرت لهما تلك الزيارة مصدر إلهام مهم. وعند عودته إلى امستردام رسم مجموعة من مناظر الطبيعة المفتوحة مع تركيز خاص على تأثير الضوء واللون.
الأعوام العشرة التي قضاها إزرييلز في باريس من عام 1903 إلى 1913 انتهت فجأة عندما دخلت أوربّا في حرب عالمية كارثية. وقد أمضى الرسّام العامّين الأوّلين من الحرب في لندن ثم انتقل إلى بيرن في سويسرا. وعندما انتهت الحرب عاد إلى لاهاي حيث استقرّ فيها نهائيا إلى حين وفاته في أكتوبر 1934م.
الرسّام الهولندي ايزاك إزرييلز كان، هو أيضا، احد الأشخاص الذين جاءوا إلى باريس وأقاموا فيها وعشقوا مطاعمها ومقاهيها وزحامها وصخبها. كان إزرييلز يشعر في باريس انه في بلده، لدرجة انه مكث فيها عشر سنوات كاملة وكان له محترفه الذي أقامه بالقرب من ضاحية مونمارتر المشهورة بحياة الليل وكثرة المطاعم والملاهي فيها.
كان إزرييلز يواظب على زيارة تلك الأماكن للتسلية أو الرسم. وكانت له عينان حسّاستان ترصدان التفاعل بين الأشخاص الذين كان يرسمهم بضربات فرشاته العريضة مضفيا عليهم أجواء من السعادة. ولأن المقاهي تقع في قلب الحياة الاجتماعية والثقافية لباريس، فقد كرّس الرسّام عددا من لوحاته لتصوير الناس الذين يؤمّونها والتفاعل في ما بينهم. وهذه اللوحة هي واحدة من سلسلة من اللوحات التي كُلّف الفنّان برسمها من قبل إحدى دور الموضة المشهورة آنذاك.
وفي اللوحة يظهر رجل وامرأة يجلسان قبالة بعضهما على طاولة في مقهى مشهور في المولان دو غاليت. إزرييلز يترك للناظر أن يخمّن فيم يتحدّث هذان الشخصان أو يفكّران. وفي الخلفية يظهر أشخاص يجلسون إلى طاولات أو يرقصون. لاحظ أن الفنّان استخدم اللون الأسود مخالفا الانطباعيين الفرنسيين الذي كانوا يتجنّبون استخدامه حتى في رسم الظلال.
كانت المقاهي توفّر وسطا مناسبا لاجتماع الفنّانين والأدباء. والكثيرون منهم استلهموا أفكارا ومواضيع لأعمالهم من بيئة وأجواء المقاهي. ومن أشهر من رسموها كلّ من إدغار ديغا وإدوار مانيه وفيليكس فالوتون وفان غوخ وجان بيرو وسواهم. وعندما تنظر إلى هذه اللوحات ستشعر بأجواء المقاهي وتخمّن نوعية الأحاديث والهمسات بين الأشخاص وتكاد تسمع أصوات الكؤوس والأواني على الموائد وحركات وإيماءات الناس الذين يجلسون ويتحرّكون في مختلف الاتجاهات رغم أنهم يبدون أحيانا بلا وجوه.
المعروف أن هذا المقهى بالذات، أي المولان دو غاليت، كان مكانا مفضّلا لكبار الرسّامين آنذاك مثل هنري تولوز لوتريك ورينوار وبيكاسو الذين كانوا يتردّدون عليه بانتظام.
كان إزرييلز في ذلك الوقت يحاكي زملاءه من الرسّامين في لندن وباريس الذين كانوا يتردّدون على صالات الرقص والمقاهي والمسارح ويجدون في مظاهر الحياة الحضرية المختلفة مواضيع تثير اهتمامهم وتحرّضهم على رسمها.
وأثناء إقامته في باريس، تعرّف الرسّام على إميل زولا ومالارميه وعلى الرسّامة بيرتا موريسو والرسّام اوديلون ريدون. ورغم انه بات مألوفا وصف أسلوبه بالانطباعي، إلا أن عمله كان شبيها بعمل سيزان من حيث تركيزه على بقع الألوان السميكة واستخدام الفراغات.
ولد ايزاك إزرييلز في لاهاي بهولندي في فبراير من عام 1865. وتعلّم الرسم على يد والده جوزيف إزرييلز الذي كان رسّاما مشهورا في زمانه. وكان الأب معروفا بأسلوبه الانطباعي. كما كان بيتهم مزارا للكتّاب والفنّانين والموسيقيين وجامعي الفنّ في لاهاي. وكان من بين ضيوفهم كلّ من ادوار مانيه وماكس ليبرمان وغيرهما.
وقد بدأ ايزاك تعليمه في الخارج عام 1878 بزيارة عائلية إلى باريس ستصبح في ما بعد حدثا سنويا. ثم انتظم في أكاديمية لاهاي للفنون، حيث عمّق مهاراته وقابل جورج برتينر الذي أصبح صديق عمره وزميله.
وقد اتبع الرسّام نموذج فان غوخ وسافر إلى بلجيكا وتجوّل في المناجم ودرس حياة العمّال فيها. ثم اظهر التزاما بتصوير مظاهر الحياة الحديثة. ولم يلبث أن تحوّل إلى شوارع امستردام ومقاهيها ونوادي الليل فيها مستلهما من أجوائها مواضيع للوحاته.
زار ايزاك إزرييلز برفقة والده كلا من اسبانيا وشمال أفريقيا عام 1893. وقد وفّرت لهما تلك الزيارة مصدر إلهام مهم. وعند عودته إلى امستردام رسم مجموعة من مناظر الطبيعة المفتوحة مع تركيز خاص على تأثير الضوء واللون.
الأعوام العشرة التي قضاها إزرييلز في باريس من عام 1903 إلى 1913 انتهت فجأة عندما دخلت أوربّا في حرب عالمية كارثية. وقد أمضى الرسّام العامّين الأوّلين من الحرب في لندن ثم انتقل إلى بيرن في سويسرا. وعندما انتهت الحرب عاد إلى لاهاي حيث استقرّ فيها نهائيا إلى حين وفاته في أكتوبر 1934م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق