الثلاثاء، 14 يناير 2014

«معرض الفن البصري»



لوحة الفنان فؤاد شهاب الفائزة بـجائزة «جمعية الفنانين» للشباب
احمد بزون
مئة وعشرة فنانين وأكثر من 120 عملاً تشكيلياً (اختيرت من بين 200 عمل مرشح)، في «معرض الفن البصري الرابع»، الذي تقيمه جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت (من 17 حتى 23 الجاري) في قصر الأونيسكو... يعني ذلك أننا أمام حشد من الاتجاهات، التي تتفاوت بين لوحة وأخرى أحياناً. وإذا كان تقسيم المعرض بين صالتَي القصر أخذ بعين الاعتبار أن تكون واحدة للفن الحديث وأخرى لما بعد الحداثة، فإن الانضباط الذي شاهدناه في الصالة الأولى بدا مخترقاً في الصالة الثانية. فإذا احتلت لوحات المكرم جوزيف مطر صدر هذه الصالة، فقد وجدنا لوحات انطباعية لميشال روحانا وعاطف طعمة مثلاً، بالإضافة إلى أخرى تعبيرية لا تنتمي إلى مرحلة ما بعد الحداثة. وربما هي المرة الأولى التي تعتمد فيها الجمعية مثل هذا التقسيم الصائب في منطلقه، والذي يمكن أن يتحول إلى سمة لا بد منها في عرض الأعمال الفنية، لا سيما أن ترتيبات اتفقت عليها الجمعية هذا العام مع وزارة التربية، دعيت من خلالها مدارس لمشاهدة المعرض، فالتقسيم المرحلي أو المدرسي يجعل المتابعة أكثر سهولة والمعروضات أكثر وضوحاً للمشاهد الجديد والمتابع في آن، بل يفتح ذهن الفنانين الشباب على إبداعات القسم المخصص لتطلعاتهم، والذي قد يحك أفكارهم.
ما لا بد من قوله أن هذه التجربة الرائدة لجمعية الفنانين، أسست لمعرض دوري ينتظره على الأقل عدد لا بأس به من الفنانين الشباب، أو الهواة الذين يريدون أن يختبروا ما توصلت إليه قرائحهم. هو معرض يعيدنا بالذاكرة إلى خمسينيات «معرض الربيع»، وإلى العديد من المحاولات التي تقوم بها بعض المؤسسات. وإن كانت تجربة متحف سرسق بارزة في هذا المجال، غير أنه من الطبيعي أن تأخذ الجمعية دورها، لا في انتخاب أعمال كما يحدث في سرسق، إنما بمسؤوليتها عن تشجيع الجيل الجديد وتحفيزه، وتخصيص جوائز له. وإذا كانت الجائزة الأولى للفنانين الجدد هي قبولهم إلى جانب فنانين رواد، فالجوائز الأخرى التي تمنح في المعرض تشكل عامل تشجيع إضافياً، وتلفت نظر الجميع إلى المستوى الفني، والاتجاه الذي يفرض نفسه على لجنة التحكيم، هي التي تألفت هذا العام من: نعيم ضومط، صالح رفاعي، ديما رعد، سيزار نمور وعادل قديح. ومنحت جوائزها على الشكل التالي: جائزة الإبداع (وزارة الثقافة) لفتاة بحمد، جائزة التجهيز (متحف مقام) لهند الصوفي، جائزة النحت (الجامعة اللبنانية) لرودي رحمة، جائزة الفنانين الشباب (جمعية الفنانين) لفؤاد شهاب وجائزة التصوير الفوتوغرافي (بلدية بيروت) لحسام منيمنة.
وفي التعليق على الجوائز، لا بد من استعادة الهدف الآنف الذكر، وهو تشجيع الشباب، والانتباه إلى أن الفنانين الكبار المعروفين لا يحتاجون إلى المشاركة في مثل هذا المعرض، فمشاركتهم لا تهدف إلى التباري مع الآخرين في ظل غياب فنانين عديدين من نظرائهم، ولا يهمهم استغلال فرصة لعرض أعمالهم، فهم يشاركون، بشكل أساسي، بهدف تشجيع الجيل الجديد، الذي جله من تلامذتهم. وبالتالي، فإن تخصيص جوائز للكبار يهمّش حضور الشباب، ويفقدهم الأمل في التباري مع أساتذتهم، بدلا من دفعهم إلى الأمام، على أن تخصيص جائزة واحدة للشباب من قبل الجمعية لا يحل المشكلة.
وإذا تصدّر الفنان المكرم مطر الصالة الغربية فقد تصدرت لوحات الفنان المكرم محمود أمهز الصالة الشرقية. وفي مجال التكريم لم ينسَ القيمون على المعرض توجيه تحية إلى روح الفنان الراحل سمير ميللر، ولا أدري لماذا غاب تكريم الفنان أسعد رنو الراحل مؤخراً.
في كل الحالات، إن كان هذا المعرض لا يمثل كل التشكيل اللبناني، ولا يقدم بانوراما واسعة لحاضره، فالنحت قليل وكذلك التجهيز و«الفيديو آرت»، فهو يقدم صورة مفيدة لمن يود التعرف على جديد الفن التشكيلي اللبناني ومستوياته العامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق